في الشارع اللبناني المليء بالتناقضات .. لا إستقرار لا توازن لا نظام لا قانون وبالتأكيد لا شرطي سير .. والجميع يمشي ولﻷسف كما تشتهي السفن ..
وهذا ما يتناسب مع جميع التيارات السياسية بكل ما يحملون من حسي وطني ورقي وبعد وأفق للخطوة التي يمشونها .. والشارع واسع ومهما كثروا وتزايدوا يقول هل من مزيد ..؟ وهكذا يضيع صوت القلة العاقلة المفكرة الواعية التي تاهت حتما في هذا الزحام الغريب
ويصبح كلامهم نشازا تحت ازيز الموسيقى الصاخبة الهوجاء .. فماذا يعني ان تكون مستقلا في بلد مثل لبنان.. ماذا يعني ان تكون لا حزبيا في بلد مثل لبنان ..ماذا يعني ان تكون حياديا في بلد مثل لبنان ..هذا يعني انك ترقص على عزف آخر لا أحد يسمعه سواك .. هذا يعني انك اخرق اهبل معتوه .. هذا يعني انك تقف خارج اطار الصورة .. تلك التي تركت لها مكانا شاغرا على احد جدران بيتك ....
ألشارع في لبنان مثل شقة باﻹيجار لمجموعة من العراة.. يجيئون اليها ليمارسوا اعمالهم الشيطانية ..الشارع أحيانا هو شارع حزب الله .. الحزب اللبناني الوطني بحسب كل الوقائع الميدانية والفكرية والسياسية ، الحزب الذي يريد يحقق للبنان قوته التي لا يراها المستقبليون .. فينزل المستقبليون الى الشارع ، الشارع نفسه ..فيطالبون بإستقلال البلد وبسط سلطة الجيش فوق كل حبة تراب لبنانية ، ويؤكدون على ضرورة تسليم كل سلاح خارج الدولة للدولة .. يهبط هنا العونيون بجميلاتهم وساحراتهم يريدون الرئيس.. بعضعهم في الشارع وبعضهم على الرصيف .. الكرسي الشاغر يزعجهم الكرسي الشاغر أصلا ..!!! .. ينزل معهم الجعجعيون ببعض اﻹستعراضات الغريبة فلا نفهم شيئا .. وكأنهم مخلوقات من بلد آخر ..يريدون الحرية واﻹستقلال والسلام ولا يريدون حزب الله .. وأميركا نفسها تعرف أهمية حزب في تحقيق اﻷماني الصعبة والمستحيلة منها ... لكن عندما ينزل الحركيون وعنيت مناصري حركة أمل هنا يأخذ الشارع شكلا له شكل الوفاء اذا يكون اول مطلب لهم هو اعادة اﻹمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الذين احتجزهم معمر القذافي من عشرات السنين ..ويؤكدون بقاءهم على الخط ...!!!ولا مشكلة ﻷحد إن بقيوا على الخط ....
الشارع اللبناني يشبه لوحة تجريدية لفنان معتوه ..وهنا الكارثة ..
