اﻷذكياء هم الذين كلما مشوا خطوة نحو اﻷمام ، تركوا لمسة أو فكرة لهم تنمو في الوراء ، حتى إذا ما عادوا يوما وجدوا ما ينتظرهم خلفهم بشوق ولهفة ونقاء ..
والسعداء هم عباقرة القناعة الذين يعرفون عيش تفاصيل حياتهم .. وحتى في اﻷلم لذة يجيدون اصطيادها .. فيرقصون إذا ما غنى الوجع ، ولامسوا بأصواتهم شجون السماء ...
والتعساء هم الجاهلون ﻷنفسهم ، هم التائهون الضائعون الغارقون في ما تمليه عليهم المرآة .. فقط المرآة ..
وأكثر ما يشغل اﻹنسان من أول وجوده هو فكرة الموت والحياة ...
الموت اﻵتي بطيئاً كسلحفاة .. والحياة المنتهية حتما ، الراحلة المسافرة بسرعة البرق على متن قطار ..
يقول أحد الشعراء في وصفه لفقير مات :
لم يحصل له
سوى انه نزل مترين
عن منسوبه العادي
دنعم الفقير في تلك اللحظة يعرف كم هو غني فقط بكل ما لم يملك ...!
ربما هي الحكمة أن لا نبتعد كثيراً عن أصلنا .. أن لا نعلوا كثيراً .. أن لا ننسى كثيراً .. كي لا تجيء تلك اللحظة فيكون ألمها أفظع من كل آﻻم الدهر مجتمعة ..
فاﻹنسان حين يموت ، يموت عن كل خطوة صنعها في هذه الحياة ، عن كل مشوار ، عن كل فكرة ، عن كل حلم وطموح ، عن كل بسمة وضحكة وفرح .. فلهذا يموت البعض بأسف وخوف وندم وقلق ...
ولهذا نجدهم لا يموتون كثيرا الفقراء...
حتى حين تخرج الروح من أجسادهم ، لا يحصل لهم سوى انهم ينزلون مترين عن منسوبهم العادي ، وتعظم وتفتخر وتتباهى بفلسفتهم الحياة ...
فالحياة هي يومك الذي تعيشه .. وما الماضي سوى شهادة على ما نقول .. وما الغد سوى ما ليس لنا إلى أين يأتي ...
