خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاشادة بدور المسلمين في بلاده. فهم في رأيه يقدمون الصورة الصحيحة عن الدين الاسلامي وهم يعملون بلا كلل من اجل تطوير الصلات مع الهيئات الحكومية والاجتماعية ويدعمون المبادرات الخيرية والتعليمية والتنويرية.
قال بوتين موقفه في رسالة عيد الفطر، والذي اكد فيه ان مسلمي بلاده يتصدون لمحاولات المتطرفين لتشويه قيم الاسلام وزرع بذور العداء والكراهية في المجتمع.
فمن هم مسلمو روسيا؟
يعتبر المسلمون في روسيا اكبر اقلية في البلاد، ويقدر عددهم 28 مليون مسلم من اصل 142 مليون روسي.
وينتمي غالبية المسلمين في روسيا الى أهل السنة من أتباع المذهبين الحنفي والشافعي، ويشكل أتباع المذهب الحنفي الأغلبية في منطقة حوض الفولغا وأعماق روسيا وسيبيريا، بينما يسود المذهب الشافعي في القوقاز (باستثناء أذربيجان).
ويعتنق المذهب الشيعي الجعفري بصورة أساسية الأذربيجانيون (حوالي مليوني شخص).
ويعاني سكان تلك المنطقة من الاضطهاد منذ القرن السادس عشر والى احتلال يستهدف هويتهم ودينهم ونجح هذا الاحتلال في ترسيخ مفاهيم دينية تتنافى مع هدف الاسلام.
علاقة روسيا بمسلمي القوقاز
تركت حروب روسيا ضد المسلمين في القوقاز (داغستان والشيشان، وغيرها) بصماتها في العلاقة بين المسلمين وموسكو التي اتسمت بالريبة، كما ان هذه المناطق تعتبر بيئة مؤهلة لاستقطاب الارهابيين لمقاتلة روسيا باعتبارها دولة محتلة الامر الذي يدفع الاخيرة باستمرار للتعامل مع هذه المناطق بلغة الحديد والنار لا سيما في داغستان.
ومن الامثلة على اساليب التعامل مع داغستان تطبيق روسيا منذ 3 يوليو الجاري نظام مكافحة الإرهاب في منطقة دربنت بجنوب داغستان بعد تعرض الكثير من نقاطها العسكرية الى اعتداءات. ويقضي هذا النظام باتخاذ مجموعة من الإجراءات الأمنية المشددة، بما في ذلك إثبات هويات جميع المواطنين الموجودين في المنطقة وقطع الاتصال الخليوي.
وجمهورية داغستان هي رسميا إحدى الكيانات الفدرالية في روسيا الواقعة في جنوب الجزء الأوروبي من روسيا. يشكل المسلمون أغلبية سكانها، وعددهم يصل إلى 1.500.000 نسمة.
وفي العهد السوفيتي تعرض المسلمون في الجمهوريات الروسية الى التضييق عليهم، فتتقلص عدد المساجد في داغستان وحدها الى 27 مسجدا من اصل ألف مسجد. كما تلاشى وجود التعليم الإسلامي.
ولكن في العصر الحالي فإن الالاف من مسلمي روسيا وغالبيتهم من القوقاز، سافروا الى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم داعش، لكن ذلك لم يعني بالتأكيد ان غالبية المسلمين في روسيا يؤيدون داعش.
والي داعش في القوقاز
استطاعت داعش ان تترك بصمات واضحة في فكر الاسلاميين المتشددين في القوقاز، اذ اعلن مقاتلون اسلاميون من 4 جمهوريات من القوقاز في روسيا في يونيو الماضي مبايعتهم تنظيم داعش وزعيمه ابو بكر البغدادي في تسجيل صوتي نشر على الانترنت ورحب به التنظيم المتطرّف.
والمقاتلون هم من جمهوريات داغستان والشيشان وانغوشيا وقبردينو - بلقاريا الروسية.
وجاء في التسجيل باللغتين العربية والروسية بعنوان "بيان من مجاهدي ولاية القوقاز ببيعة خليفة المسلمين ابي بكر البغدادي وانضمامهم الى "الدولة الاسلامية"، انه "طاعة لامر الله، نعلن مبايعة الخليفة ابراهيم بن عواد بن ابراهيم القريشي الحسيني على السمع والطاعة".
وتابع البيان: "نحن مجاهدو القوقاز في ولايات الشيشان وداغستان وانغوشيا وكابيكا، نشهد باننا كلنا متفقون على هذا الرأي، ولا يوجد اي اختلاف بيننا في هذا الموضوع".
على الفور رحب المتحدث باسم "داعش" ابو محمد العدناني بالامر. وقال في تسجيل صوتي "نبارك لجهود "داعش" في القوقاز إعلان الولاية، ونبايع لهم بيعتهم والتحاقهم بركب الخلافة، وقد قبل أمير المؤمنين بيعتهم وعّين الشيخ الفاضل ابا محمد القدري والياً على القوقاز".
وتخشى روسيا من عودة هؤلاء المقاتلين، الذين غالباً ما تحصل عن طريق تركيا بعدما "يدعون انهم سياح فقدوا اوراقهم".
اذا العلاقة بين روسيا ومسلميها لم تكن يوما علاقة ثقة انما علاقة صدام وحروب، فهل يستطيع تنظيم داعش ان يؤججها مستغلا تأثيره على فئات كبيرة من مسلمي روسيا، ام ان روسيا ستستيطع كبح هذه المحاولات؟
