Download App Fahad Al-Salem Center application on your IOS device Download Fahed al Salem Center application on your Android device
محاكمة صحفي سويدي بتهمة تهريب البشر "طفل الحافة".. سيلفي تعاملت معه وزارة العمل السعودية 2.4 مليار شخص بلا "مراحيض" الامم المتحدة تعرب عن قلقها الشديد بشأن قانون تركي يسقط تهمة الاعتداء على قاصر عند الزواج
أبرز الأحداث

تقارير اخبارية

الأكثر قراءة
تونس تتأرجح بين الكثيرمن المخاوف والقليل من التفاؤل و المواطن مازال ينتظر الطمأنينة

 

بعد انفراج الأزمة السياسية التي شهدتها تونس  ، على الأقل إلى حد اليوم، بصعود حكومة جديدة، هلّل الجميع في الداخل والخارج.  حتى سارع صندوق النقد الدولي وأفرج عن الجزء الثاني من قرض سنة 2012 رغم عدم إنجاز «الإصلاحات» المطلوبة، كما تهاطلت القروض من هنا وهناك. في كل ما سبق، تناسى الجميع أنّ هذه «الإصلاحات» وإن تأخرت قليلا فلعدم وضوح المشهد السياسي آنذاك، أما اليوم وفي ظلّ استقرار نسبي، فلا يمكن تأجيلها مرة أخرى لأنها تدخل ضمن التزامات تفرضها المؤسسات العالمية ضمنيا للمرور إلى المرحلة الموالية من التمويل الموَجَّه.

يكفي هنا العودة إلى التقرير الأخير للبنك الدولي عن تونس الذي تحدث عن تفاقم تدهور  الوضع الاقتصادي نتيجة إخلالات هيكلية منذ سنوات داعيا الحكومة إلى اتخاذ خطوات مبدئية لترشيد الدعم على مواد الطاقة ووضع ضوابط للميزانية. الضوابط لن تكون على المدى القريب إلا زيادات في أسعار بعض المواد الطاقية والاستهلاكية كالماء والكهرباء والبنزين وغيرها.

وبدأت أغلب الأحزاب تقرع طبول الحملة الانتخابية المبكرة وذلك بالتصريحات المثالية ومحاولة التموقع في جبهات والمناورة لإفشال أخرى قد تغيّر موازين القوى الحالية. ما يجمع بين هذه التصريحات رغم أنها صادرة عن توجهات مختلفة من يمين ويسار ووسط وقوميين وليبراليين واشتراكيين، هو تأكيدها على أنّ التحالفات ستكون على قاعدة «مَنْ يشاركنا العمل والرغبة في تحقيق استحقاقات الثورة وأهدافها». يبدو في الأمر إعادة سمجة وفجّة لأخطاء انتخابات المجلس التأسيسي الفارطة التي استبدلت في حملتها الانتخابية الاستحقاق الدستوري باستحقاق الحُكم ونعرف جميعا النتائج التي جنتها البلاد من التصريحات التي غالت في تقديم الوعود بمكاسب ملموسة وسريعة في تحقيق النمو والتوازن الجهوي وخلق مواطن الشغل والاستقرار في طبق انتخابي يسيل له لعاب الناخبين. في المرحلة الثانية وحين أدرك المواطن البسيط الفرق الشاسع بين جنة الوعود وجحيم الواقع، كانت ردة فعله خارج السيطرة لتتناسل الانفلاتات الشارعية  والاعتصامات العشوائية وما سببه ذلك من خسائر هائلة لموارد المجموعة الوطنية.

يُضاف إلى ذلك عودة المواطن إلى النفور من المشاركة في الشأن العام لعدم ثقته في لاعبيه سواء كانوا من السلطة أو المعارضة. هذه المسألة خطيرة لأنّ المجتمع التشاركي الذي نرغب في الوصول إليه يتطلّب «توريطا» إيجابيا للمواطن سواء بمشاركته في الأحزاب أو مختلف منظمات المجتمع المدني أو حتى بمجرّد إقناعه بضرورة احترام علوية القانون ووجوب إبداء الرأي في كل ما يهم المصلحة العامة.

هل أنّ استحقاقات الثورة تتطلّب إعادة النظر في مطالبها أو في تعريفها؟، على الأقل حسب هذه التصريحات الموغلة في الثورية يبدو الأمر مضحكا، إذ لو سلّمنا بتعريف واحد لهذه الاستحقاقات لما حصل اختلاف بين الأحزاب حولها وربما تحوّلت وجهة الاختلاف نسبيا إلى بعض تفاصيلِ سُبُل تحقيقها.

 مَنْ مِنَ التونسيين لا يعرف أنّ مطالب الثورة واضحة وملخصها الشغل والحرية والكرامة الوطنية ؟ فلماذا هذا التشظّي والاختلاف العميق بين الأحزاب؟. إنّ رجوع التصريحات لعزف أغنية أهداف الثورة إنما هو كلمة حق أريد بها باطل وسعي محموم من أجل الكرسي القادم. لو كانت النفوس صافية والهدف خدمة الشأن العام لما عرفت بلادنا اغتيالات سياسية وتطاحنا حتى في المجلس التأسيسي وحرائق هنا وهناك، فوضوح استحقاقات الثورة كان يفترض اتفاقا بين الفرقاء على المبدإ بالأساس ثم يقع المرور إلى التفاصيل وعندها لا يهم إنْ دعا أي حزب إلى انتخاب «تفاصيله» لأنّ الهدف الرئيسي وهو تحقيق أهداف الثورة متفق عليه من طرف كل الأحزاب والجبهات على اختلاف توجهاتها الأيديولوجية.

ما زال الوقت كافيا لتُقَوّم أحزاب خطابها ليكون حقا أكثر مصداقية لدى العامة فلا أسوأ من انتخابات تعطي الشرعية للفائز ولكن بنسبة عزوف قياسية عن التصويت!، عندها هل تقدر الشرعية الهشّة على الصمود في مواجهة مطالب هذه الأغلبية التي لم تصوت أصلا؟.

فبعد تهديد اتحاد الشغل بمقاضاة الحكومة : "التونسية "تكشف فحوى المنشور المنقح حول العلاقة مع النقابات .فقد أصدرت رئاسة الحكومة المنشور المنقح حول العلاقة مع النقابات وذلك بعد الاحتجاجات الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل وجاء في المنشور أنه عملا على مزيد التنسيق مع رئاسة الحكومة ووزارة المالية عند التفاوض وعند إبرام الاتفاقيات مع النقابات كما تضمنه المنشورعدد 6 المؤرخ في  18فيفري 2013 يتعين على كافة الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية التقيد بالإجراءات التالية :

ضرورة الاستشارة المسبقة والوجوبية لرئاسة الحكومة  ووزارة المالية وذلك قبل التعهد باي التزامات أو إمضاء محاضر الاتفاقيات وضرورة موافاة المصالح المختصة لرئاسة الحكومة ووزارة المالية بنسخة من محاضر الاتفاقيات المبرمة وذلك في اجل أقصاه شهر واحد من تاريخ إمضاء المحاضر .

وجاء في المنشور المنقح ضرورة إمضاء محاضر الاتفاقيات عن الجانب الاداري من طرف المسؤول الاول عن الشؤون الإدارية والمالية والمسؤول عن الشؤون القانونية للهيكل العمومي مع الإمضاء المجاور لوزير الإشراف أو المدير العام أو الرئيس المدير العام .

كما تم التأكيد على ضرورة احترام الصيغ الشكلية الدنيا في صياغة وثيقة محضر الاتفاق وذلك بالتنصيص على تاريخ عقد الاتفاق والامضاء المذيل لجميع الصفحات .

وتمت دعوة الوزراء و كتاب الدولة والمديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية إصدار التعليمات اللازمة الى المصالح الراجعة .

اما فيما يخص حكومة جمعة ققد لا تكفي مدة شهر لتقييم أداء فريق حكومي تسلم مهامه في ظروف معينة وفي وضع خاص تعيشه البلاد.. لكن بالنسبة لحكومة مهدي جمعة يعتبر البعض أنها برهنت خلال هذه الفترة عن حسن نواياها , منذ الأيام الاولى لمباشرة مهامها. حيث انطلق الفريق الحكومي في العمل منذ اليوم الاول بكل قواه وظهر الوزراء الجدد ليتحدثوا عن مباشرة الملفات العاجلة وتنقلوا هنا وهناك، داخليا وخارجيا وعقدوا لقاءات عاجلة مع المسؤولين في وزاراتهم.

غير أن التعبير عن حسن النوايا لم يكف إلى حد الآن لبعث طمانينة كاملة في نفوس التونسيين بكل مشاربهم، من سياسيين ومواطنين عاديين. والطمأنينة لا تعني بالنسبة للتونسي اليوم الاستقرار السياسي بما فيه من حكومة مستقلة ووزراء تكنوقراط محايدين ودستور توافقي وهيئة انتخابات . فقد يكون ذلك من اهتمامات السياسيين لكن بالنسبة للمواطن، تلك آخر مشاغله في وقت تتواصل فيه إلى الآن الصعوبات المعيشية.

بالنسبة للسياسيين، هناك شبه ارتياح إلى حد الآن على أداء الحكومة من حيث التزام وزرائها بالحيادية والاستقلالية التامة ومن حيث تعبير كل منهم على استعداده للقطع مع الحقبة الماضية ولاستكمال انهاء المرحلة الانتقالية واجراء الانتخابات في كنف الاستقرار والسلم. فضلا عن الارتياح لتقدم اعداد القانون الانتخابي وبروز بوادر توفر اسباب النجاح لهيئة الانتخابات. غير ان ارتياح السياسيين ليس بنسبة مائة بالمائة اذ لازالت الانتظارات قائمة حول ملف مراجعة التعيينات والذي، باستثناء الولاة وبعض مستشاري رئيس الحكومة، لم تبرهن الحكومة إلى حد الآن عن نيتها فتحه بشكل حاسم وجذري وهو ما اعتبره بعض السياسيين ترددا غير مقبول وغير مفهوم من قبل مهدي جمعه في الحسم فيه او على الاقل في الاعلان صراحة عن نيته ذلك، رغم انقضاء شهر على تسلمه مهامه ويعبرون عن تخوفهم من مرور الوقت دون ان يقع الحسم فيه إلى حين حلول موعد الانتخابات.

كما يخشى السياسيون ايضا عدم تطرق الحكومة الجديدة إلى حد الآن إلى مسألة تحييد المساجد ولمسالة حل روابط حماية الثورة كما تضمنت ذلك خارطة الطريق وهو ما يمثل عنصر قلق بالنسبة إليهم خصوصا عند استحضار اجراء الحملات الانتخابية وما قد يتسبب فيه ذلك من مخاطر لهم  كالعنف السياسي مثلا". ويرون انه كان على الحكومة ان تبرهن عن حسن نواياها في هذا المجال وان يقولها مهدي جمعة صراحة انه سائر في حل هذين الملفين حتى لا يبقى الغموض يلفهما والوقت يتقدم.

يبدو الارهاب الملف الأبرز الذي خاضت فيه حكومة جمعة منذ ايامها الاولى ويمكن القول انها نجحت فيه نسبيا خصوصا بعد عمليتي رواد وأريانة وبعد الحملات الامنية الكبرى التي استهدفت عديد المتهمين فضلا عن تواصل «الحرب» على ارهابيي جبل الشعانبي. وهذا يُعد انجازا هاما في ظرف وجيز في انتظار تحقيق مزيد من النجاحات في الفترة القادمة كما وعد بذلك وزير الداخلية

بعد انقضاء شهر على الحكومة الجديدة، لم يلمس المواطن أية بوادر تغيّر في وضعه المعيشي مقارنة بما كان عليه الحال مع الحكومة السابقة : أسعار تواصل القفز عاليا (آخرها اول أمس بزيادة سعر الطماطم المصبرة) وشبه انفلات في السوق تواصلت معه بعض ممارسات الغش المختلفة وتواصل الخوف والريبة من تراجع المداخيل امام عدم اتضاح الرؤية حول الزيادة في الاجور، وتواصل غلق الابواب من قبل القطاع البنكي على تمويل الاستهلاك بالقروض الصغرى وتواصل العجز لدى فئة كبيرة من التونسيين لتوفير أدنى متطلبات العائلة والابناء.

فقد كان بامكان السيد مهدي جمعة ان يخرج للعلن منذ الايام الاولى ليدعو المسؤولين في حكومته  في كل الوزارات إلى اتخاذ اللازم لإعادة الطمانينة للمواطن في كل ما يتعلق بمعيشته اليومية وأن يبث بذلك رسائل طمأنة للمستثمرين وللمواطن نفسه.

وينضاف إلى ذلك تواصل بعض الانفلات على مستوى الجريمة حيث ما يزال عديد التونسيين إلى اليوم عرضة لهذا الخطر بما أن الامن مازال لم يسترجع بعد قوّته الحقيقية في الشارع، إلى جانب تواصل ظاهرة الاضرابات العشوائية التي الحقت مضارا عديدة بمصالح المواطن خاصة في قطاعات حيوية مثل النقل والعدالة وببعض المصالح العمومية مع تهديد اطراف اخرى بالاضراب ايضا في الفترة القادمة. وكل هذه العوامل جعلت من الوضع لا يختلف كثيرا عن سابقه في نظر المواطن الذي ينتظر على احر من الجمر اجراءات عاجلة تهدّأ من ارتفاع الاسعار فإذا به يتكبد زيادات مفاجأة من حين إلى آخر.

اليوم انقضى شهر على تولي الحكومة الجديدة مهامها واكيد أن الأيام القادمة ستكون اسرع في عمر هذه الحكومة وعلى مهدي جمعة وفريقه ان لا يُعوّلوا على عنصر انقضاء الوقت بسرعة كعامل من عوامل استقرارهم، وأن لا يُعولوا أيضا على تعوّد التونسي على تكبد الصعوبات والمتاعب في معيشته اليومية وأن تكون لهم الجرأة على اتخاذ القرار السريع والحاسم والناجع. أما التردد والمماطلة في الحسم في بعض الملفات فلن تزيد التونسيين إلا شعورا بالقهر وبالظلم.

 

28-2-2014
آخر الأخبار

مقالات

أهم المواضيع