إذا كان وقف اطلاق النار الذي أبرم بين ممثلين من أوكرانيا وقيادة الانفصاليين وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد خرق، فأن ما قالته منظمة العفو الدولية بإتهامها طرفي النزاع بارتكاب جرائم حرب، يدعنا أمام مرحلة مفصلية امام تبادل الاتهامات، فأمام كل ما حدث لم يعرف الإعلام العالمي من الأخبار القادمة من اتهامات أوكرانيا والانفصاليون. فأمام هذا الاتهام من المنظمة كيف ستتعامل معه هذه الجهات المعنية.

فقد تجددت المعارك في شرق أوكرانيا الأحد بعد ساعات من اتفاق على وقف إطلاق النار، وقد تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الاتفاق. والعفو الدولية تتهم طرفي النزاع بارتكاب جرائم حرب وروسيا بتأجيج النزاع.  وإن الانفجارات العديدة التي سمعت في محيط ميناء "ماريوبول" الاستراتيجي في اوكرانيا جلعت من الوضع يتأزم علما أن بوروشنكو كان قد أعلن عن خطة لوقف اطلاق النار في اوكرانيا.

حيث شهدت دونيتسك وكذلك ميناء ماريوبول الاستراتيجي قصفا خلال الليل، فقد سمع دوي انفجارات عديدة خلال ساعات متأخرة من المساء وشوهدت سحابة دخان تتصاعد في الأفق. ويبدو أن نقطة تفتيش تسيطر عليها حتى الآن القوات الأوكرانية مشتعلة عند منفذ المدينة بحسب صحافيين في وكالة فرانس برس قريبين منها. وتوقفت الانفجارات في حدود الساعة التاسعة ليلا.

وتوجهت ثلاث مصفحات أوكرانية مجهزة بسلاسل باتجاه نقطة التفتيش لكنها عادت أدراجها بكل سرعة، فيما هرعت عشرات السيارات الخاصة بالهرب في الاتجاه المعاكس نحو المدينة.

رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار أبرم بين ممثلين من أوكرانيا وقيادة الانفصاليين وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا الجمعة في مينسك عاصمة روسيا البيضاء هو جزء من خطة سلام تهدف إلى إنهاء صراع مستمر منذ خمسة أشهر أدى لمقتل قرابة ثلاثة آلاف شخص وسبب أسوأ مواجهة بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.

وقد اتهم الانفصاليون في شرق أوكرانيا، القوات الحكومية مجددا بانتهاك الهدنة التي تم توقيعها بين الطرفين، وقال المتمردون في وقت متأخر من مساء أمس السبت، إن مواقع بالقرب من مدينة ماريوبول تعرضت لإطلاق نار.

وفي هذا الشأن تبادلت القوات التابعة لكييف والانفصاليون الموالون لروسيا الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار فجر الأحد في ضواحي ماريوبول، ثاني أكبر مدن إقليم دونيتسك وعاصمته المؤقتة والتي أقيمت فيها إدارات إقليمية وحكومية موالية لكييف.

وذكرت وسائل الإعلام المحلية، أن سكان ماريوبول وهي ميناء استراتيجي هام على ساحل بحر أسوفشن، أفادوا بأنهم سمعوا أصوات طلقات وانفجارات بالمدينة، ولم تعلن حتى الآن تفاصيل عن هذا الأمر، إلا أن القيادة الموالية للغرب في كييف أكدت تمسكها بتطبيق الهدنة، وذكرت الحكومة أن المتمردين الموالين لروسيا بدأوا السبت إطلاق سراح الأسرى لديهم – حسبما ذكرت وكالة «الأنباء الألمانية».

وقال سفياتوسلاف زيجولكو المتحدث باسم الرئيس بوروشينكو في العاصمة كييف إن عددا من جنود الحكومة تم تسليمهم في مدينة لوجانسك معقل الانفصاليين.

من جانبها، أعلنت الحكومة الأوكرانية أنها ستبدأ فى تسليم الأسرى المتمردين يوم غد الاثنين، ويقول الخبراء إن المتمردين تمكنوا خلال العمليات القتالية من أسر حوالى ألف جندى حكومى بينما أسرت الحكومة حوالى 200 من المقاتلين الموالين لموسكو.

حيث افاد مصدر رسمي ان لقاء بين الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو وقادة الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وايطاليا سيتم عصر الخميس قبل افتتاح قمة الحلف الاطلسي في ويلز.

وقال مصدر حكومي بريطاني ان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون "سيجمع" باراك اوباما وفرنسوا هولاند وانغيلا ميركل وماتيو رينزي حول الرئيس الاوكراني.  كما اضاف ان "الاجتماع سيمنح القادة فرصة للاستماع الى تقييم الرئيس بوروشنكو للوضع الميداني ولـ(نتائج) محادثاته مع الرئيس بوتين".

وتابع ان الاجتماع "سيوجه أيضا رسالة دعم واضحة لسيادة اوكرانيا وسيذكر روسيا بأن من مسؤوليتها ايجاد سبيل لنزع فتيل التصعيد".

وفي وقت مبكر اليوم، كان الهدوء يسود المدينتين مرة أخرى. وأصر الجانبان على أنهما يلتزمان بشكل قاطع بوقف إطلاق النار وألقيا بالمسؤولية على الطرف الآخر في أي انتهاكات.

وقال فلاديمير أنتيوفييف نائب رئيس وزراء ما يسمى بجمهورية دونيتسك الشعبية: "حسب علمي فان الجانب الأوكراني لايلتزم بوقف إطلاق النار. لدينا جرحى في صفوفنا في مواضع عدة. نلتزم بوقف إطلاق النار".

وفي وقت سابق، قالت قوات الحكومة انها تعرضت لقصف مدفعي شرقي ماريوبول وهو ميناء حيوي لصادرات الصلب الأوكرانية وفي الأيام التي سبقت وقف إطلاق النار كانت القوات تحاول صد هجوم كبير للانفصاليين على ماريوبول.

والجدير ذكره، أن بوروشينكو وافق على اتفاق وقف إطلاق النار بعد ان اتهمت أوكرانيا روسيا بإرسال قوات وأسلحة لأراضيها لدعم الانفصاليين بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة خلال الصيف نتيجة لهجوم من قوات الحكومة.

وتنفي روسيا إرسال قوات أو تسليح المتمردين رغم أن حلف شمال الأطلسي يقول ان هناك أدلة دامغة تظهر غير ذلك.

وقد لفت المندوب الاوكراني الدائم في الامم المتحدة يوري سيرغييف الى ان "الانشطة الروسية الاخيرة في اوكرانيا تثبت استعداد روسيا لعملية غزو كبيرة لبلاده لتعزيز السيطرة الروسية".

واوضح سيرغييف في تصريح له، ان "اوكرانيا لم تعط مسوغا او سببا للتحريض على العدوان ضدها، والعالم باكمله يعلم ان بلاده تنفذ التزاماتها الدولية ولا تخرق القوانين الدولية وهي تتعرض حاليا لعدوان من دولة جارة".

وكان  سيرغييف قد اعرب عن "استعداد بلاده لوقف اطلاق النار "ولكن في ظروف ان تقوم الاطراف المعنية بالشيء نفسه لاننا لا نثق بروسيا وذلك ان الجانب الاوكراني يحتاج افعالا وليس خططا".

واوضح سيرغييف انه "اذا اردنا اعادة الثقة للحوار الروسي - الاوكراني فعلى جميع القوات الروسية الانسحاب من اوكرانيا وان يتوقف القصف من الاراضي الروسية".

بدوره ، كان رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك قد رفض خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لحل النزاع في شرق اوكرانيا، معتبرا انها "محاولة لخداع الغرب لتفادي العقوبات".  وأعلن ياتسينيوك، في بيان، "ان هذه الخطة الجديدة هي لخداع المجتمع الدولي قبل قمة الحلف الاطلسي ومحاولة لتجنب قرارات لا مفر منها للاتحاد الاوروبي، بهدف فرض عقوبات جديدة على روسيا".

وفي هذا الإطار، أفاد يوري لوتسينكو مستشار الرئيس الأوكراني أنه في قمة الناتو في ويلز تم الاتفاق على تقديم عدد من الدول الغربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا أسلحة حديثة لأوكرانيا .

وكتب لوتسينكو اليوم على صفحته في موقع "فيس بوك": "تم في قمة الناتو التوصل إلى اتفاق حول تقديم المستشارين العسكريين الغربيين وتصدير الأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبولندا والنرويج.

وكان الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أعلن على هامش قمة ويلز أن الحلف سيقرّ في القمة مذكرة حول تقديم المساعدات العسكرية والتقنية لكييف. وفيما بعد أكد بوروشينكو هذه المعلومات في حديثه لـ"بي بي سي"، رافضا في الوقت نفسه الكشف عن الدول التي وعدت بتقديم أسلحة عالية الدقة لبلاده.

وكان رئيس لجنة مجلس الدوما الروسي للشؤون الخارجية ألكسي بوشكوف عبّر في وقت سابق عن قلقه من تصريحات بلدان الناتو حول تقديمها الدعم العسكري لأوكرانيا.

وفي هذا الصدد، اتهمت منظمة العفو الدولية كل الأطراف الصراع في شرق أوكرانيا بارتكاب جرائم حرب.

وقال التقرير -الذي تم إعداده قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الجمعة الماضية- توجد أدلة على التدخل المباشر لروسيا ودعمها للمتمردين بشرق أوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط».

وأضافت المنظمة الدولية -حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» اليوم الأحد- أن كل أطراف النزاع أبدوا لا مبالاتهم حيال حياة المدنيين وتجاهلوا بطريقة صارخة واجباتهم الدولية، كان طرفا النزاع الرئيسان في شرق أوكرانيا قد أعلنا أمس الأول عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك خلال لقاء في مدينة مينسك خصص لوضع حد لـ5 أشهر من المعارك الدامية.