في 13 نيسان من كل عام يستذكر اللبنانيية انطلاق الحرب الاهلية عشية 13 نيسان 1975 عندما بدأت بإطلاق نار على حافلة ولم تنته الا بقتل مئات الالاف وفقدان امثالهم، وتهجير الملايين، وتفتيت بلد كان قائم على التعايش الاسلامي المسيحي.

انطلاق الحرب الاهلية:

في صباح 13 أبريل(نيسان) من عام 1975 انطلقت الشرارة الفعلية والمباشرة للحرب الاهلية في لبنان بعد ان فشلت محاولة اغتيال رئيس حزب الكتائب اللبنانية ذو الأغلبية المسيحية بيار الجميّل قام بها مسلّحون مجهولون أثناء قيام الشيخ بيار بواجب اجتماعي في إحدى كنائس عين الرمانة في بيروت، وأدى هذا الحادث إلى مقتل مرافقه "جوزيف أبو عاصي".

لم ينتظر الكتائبيون كثيرا للرد الذين اطلقوا وابل من الرصاص على إحدى الحافلات المدنية التي كانت تقل فلسطينيين عائدين إلى مخيم تل الوعتر بعد مشاركتهم باحتفال في مخيم صبرا فقتل 27 شخصا ولم ينج من راكبها سوى السائق واثنان من رجال المقاومة.

سارعت القوى اليسارية الداعمة للفلسطينيين الى الاجتماع واصدار بيان هاجمت فيه حزب الكتائب، وإتهمته بتدبير ما أسمته مجزرة عين الرمانة، وتوصلوا في النتيجة إلى قرار عزل الكتائب، وطالبوا بحلّه.

وما ان اشرقت شمس 14 نيسان 1975 حتى كانت جميع طرق ضاحية بيروت الجنوبية قطعت، بسبب الإنتشار الكثيف للمسلحين وأحراق الدواليب. وبدأ توسع القتال لتكون بداية الحرب الاهلية.

ضحايا الحرب الاهلية اللبنانية

لم تنته الحرب الاهلية في لبنان الا بعد ان حصدت ما يقارب ال200 الف قتيل و٣٠٠ ألف جريح ومعوق و١٧ ألف مفقود وهجرت أكثر من مليون نسمة في بلد كان عدد سكانه ٣ مليون نسمة. أما الخسائر المادية ففاقت ال١٠٠ مليار دولار وتم تدمير العاصمة بيروت وقُسمت الى قسمين بما بات يعرف بيروت الشرقية وبيروت الغربية.

ولا زال حتى اليوم الكثير من الاهالي يعيشون على امل ان يلتقوا مجددا بأحبائهم الذين فقدوهم ابان الحرب الاهلية ويتهمون النظام في سوريا بأنه يُخفي ابنائهم في سجونه. لكن اكتشاف مقابر جماعية منذ سنة تقريبا قرب وزارة الدفاع اللبنانية، والتي تعود رفاة اصحابها العسكريين الى حقبة الحرب الاهلية، بددت الكثير من آمال الاهالي بعودة ابنائهم وساد اعتقاد قوي لديهم بأنهم ربما لقوا حتفهم.

محطات من الحرب الاهلية

محطات تاريخية بارزة شهدها لبنان خلال الحرب الاهلية ابرزها التدخل السوري، واحتلال اسرائيل لجنوب لبنان في العام 78، واحتلال العاصمة بيروت في ال1982، وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا في العام نفسه، وتوقيع اتفاق 17 ايار مع اسرائيل في ال1983، واسقاط هذا الاتفاق في ال1984. كذلك شهد لبنان خلال الحرب الاهلية استهداف كبير للمصالح الاميركية ابرزها الهجوم الانتحاري الذي استهدف معسكرا للقوات الأمريكية والفرنسية في بيروت قُتل خلاله 241 جندياً أمريكاً و 58 جندياً فرنسياً. كما شهدت الحرب، حروبا جانبية ابرزها حرب التحرير وحرب المخيمات.  

مجزرة صبرا وشاتيلا

ارتكبت الميليشيات المسيحية بتغطية اسرائيلية مجزرة بحق الفلسطينيين في مخيم صبرا وشاتيلا، في 16 ايلول عام 1982 واستمرت المذبحة لثلاثة ايام.

فقد ارسل شارون القوات الإسرائيلية إلى بيروت الغربية، وقامت تلك القوات بنقل 200 مقاتل من ميليشيا القوات اللبنانية بقيادة إيلي حبيقة إلى المخيمات بحجة القضاء على 2,000 من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية مختبئين في المخيمات. اقتحمت القوات اللبنانية مخيمي صبرا وشاتيلا في السادسة مساءً من 16 سبتمبر وقتلت ما يقرب من 3500 فلسطيني بمساعدة الجيش الإسرائيلي الذي كان يحاصر المخيمين والذي كان يشعل القنابل المضيئة في السماء ليتمكن مقاتلي القوات اللبنانية من الرؤية طوال الليل. كان شارون وقادة الجيش الإسرائيلي يتابعون المجزرة من على سطح احد المباني المطلة على المخيمين. ولم يكن من بين الضحايا اي مقاتل بل نساء واطفال وشيوخ وحوامل تم شق بطونها بالسكاكين.

انتهاء الحرب الاهلية

في آب من عام 1989 تمكن صوت السياسية ان يعلو على صوت الرصاص بعد ان توصل النواب اللبنانيون في الطائف بوساطة المملكة العربية السعودية إلى اتفاق الطائف الذي بدأت معه نهاية الحرب الأهلية. وتم انتخاب رينيه معوّض رئيساً للجمهورية ولكن ميشال عون رفض الاعتراف بمعوّض ورفض اتفاق الطائف وذلك لأن الاتفاق يقضي بانتشار سوري على الأراضي اللبنانية. اغتيل رينيه معوّض بعد انتخابه بـ 16 يوم وخلفه إلياس الهراوي. رفض ميشال عون الاعتراف بإلياس الهراوي أيضا. تم إقصاء ميشال عون من قصر بعبدا الرئاسي وإعدام المئات من أنصاره في أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية-سورية مشتركة وبمباركة أمريكية حيث فر ولجأ إلى السفارة الفرنسية وتوجه من بعدها إلى منفاه في باريس.

هكذا انتهت الحرب اللبنانية بعد ان قتلت ورملت ويتمت الاف اللبنانيين وتم حل جميع الميليشات باستثناء حزب الله وبدأت عملية بناء الجيش اللبناني كجيش وطني غير طائفي.